ليلى علي
أيام وينتهي ما يصفه الآباء بكابوس امتحانات المرحلة الثانوية في معظم الدول، وفي رد فعل على القلق والتوتر اللذين ظهرا من قبل أهالي طلبة تلك المرحلة على مواقع التواصل الاجتماعي خلال فترة الامتحانات، كتب رمزي عبدالعزيز منشورا قام بمشاركته أربعة آلاف شخص يقول فيه، “أؤكد لكم أن الدرجات والامتحانات ليست نهاية المطاف، حافظوا على صحة أبنائكم النفسية وعوّدوهم أن محبتكم لهم ليست مشروطة بدرجة أو نتيجة”.
ويضرب عبدالعزيز مثالا بنفسه فيقول لأولياء الأمور، “أنا رسبت في إحدى المواد في أولى ثانوي، ومادة أخرى في أولى كلية، والحمد لله تم تعييني باحثا بالمركز القومي للبحوث بمصر وحصلت على الدكتوراه من ألمانيا، ولدي أكثر من ثلاثين ورقة بحثية منشورة في كبرى الدوريات العالمية ومن ضمنها نيتشر (Nature)، وحاليا Staff Scientist بأكبر جامعة للتكنولوجيا بفنلندا”.
وتنوعت التعليقات على المنشور بين “ليت الناس يفهمون” و”كلام جميل ولكن التطبيق صعب” وبين “هل تتكلم بجدية، هل يمكنني الآن الرسوب في اختبار الغد دون الشعور بالذنب”؟!
لو أن أغلب أو كل المدارس تتبع نهج المدارس العالمية التي تهتم بالطالب بعيدا عن الأهل وتجعل من مسألة الاختبارات المدرسية، مسألة تخص المدرسة وحدها وأن دور الأهل تشجيعي وتحفيزي فقط لكان الأمر أفضل.
وترسل هذه المدارس إلى الأهل خطابا قبيل كل امتحان تذكرهم فيه بالتالي، “رجاء ساعدوا أبناءكم ليبذلوا قصارى جهدهم، عبر التأكد من أنهم يأخذون قسطا وافيا من النوم وأنهم يتناولون الطعام الصحي وأنهم يشربون كثيرا من الماء، وعليكم أن تعرفوا أن هذه الامتحانات هي لمساعدتنا بالمدرسة لمعرفة ما الخطوة التعليمية التالية مع ابنك. من فضلك شجع وادعم ابنك حتى لا يصاب بالتوتر بسبب هذه الامتحانات”.
ولعل ما قاله رمزي عبد العزيز من أن الدرجات ليست نهاية المطاف، حقيقة تؤكدها قصص حياة بعض أبرز العلماء في العالم.
تعارض الطموحات وأحلام الأهل
يعاني الأبناء منذ قديم الأزل بين تحقيق رغباتهم الشخصية وتصورات الأهل عن مستقبلهم، ومنهم باولو كويليو، صاحب أكثر الكتب مبيعا (الخيميائي) الذي ترجم إلى أكثر من 56 لغة، فقد أراد لنفسه أن يكون كاتبا فيما أراد له والداه أن يكون مهندسا، ونتيجة للصدام المتكرر بين رغبتيهما ترك الدراسة نهائيا.
وتقول المستشارة النفسية والتربوية الدكتورة وفاء أبو موسى إن نظريات علم النفس الإيجابي تؤكد أن الضغط النفسي على الأبناء لتحقيق رغبات الآباء لن ينتج سوى الضرر النفسي والفسيولوجي والحل في توفير بيئة أسرية آمنة للطالب، وحرية في اختياراته وإدارته للعملية الدراسية الخاصة به، كما ينبغي أن تكون مستقرة دون أي نوع من التغيرات والقوانين التي تضيف إلى قلقه قلقا آخر، وبالمجمل ينبغي إشاعة جو يسوده الأمان والحرية والاستقرار.
وتضيف أبو موسى أنه كلما اتبعنا سياسة المزاح والتلطف والعطف مع أبنائنا في وقت الامتحانات وكذلك وقت ظهور النتائج، سارت الأمور وفق الطبيعة السيكولوجية، دون مغالاة أو تصنع، وتتجه بنا الأمور النفسية نحو الاطمئنان، وقبول كل ما يصل إليه أبناؤنا من تحصيل دراسي، وفق المتحدثة.
وتختم أبو موسى كلامها “كل طالب لديه حلم خاص لمستقبله، إن استطاع تحقيقه من خلال نتائج الامتحانات كان أسعد الناس، أما إن لم تكن النتيجة كما طمح، فهنا يظهر دور الأسرة العاقلة المتزنة التي تمنح ابنها الطالب الدعم والقوة النفسية والسند الاجتماعي لتحويل النتيجة الأضعف إلى شيء أفضل في المستقبل”.
نصائح للأبوين
في العصر الحالي، تأكد أنه لم تعد هناك كليات قمة وكليات غير ذلك، فكل يوم هناك كليات جديدة لتغطية احتياجات العصر العولمي والتكنولوجي الذي أصبحنا نعيش فيه.
وتوجد تسعة أنواع من الذكاءات (الذكاء اللغوي- الرياضي المنطقي- معرفة الذات- معرفة الآخرين- الموسيقي والإيقاعي- البصري- البدني والعضلي- علم الطبيعة- الوجودية- التعليم)، وهذه بعض النصائح لنجاح الأبناء في الحياة:
– اكتشفْ في أي من أنواع الذكاءات يتفوق فيها ابنك أولا، ثم ادعمه ثانيا ليصبح ما يريد أن يكون وليس ما تريده أنت.
– لا تعتقد أن الامتحانات والدرجات الغاية ونهاية المطاف، فتحقيق النجاح في الحياة يلزمه أكثر من الدرجات والتفوق الدراسي.
– محبة الأبناء لابد أن تكون غير محدودة وغير مشروطة بتفوقهم الدراسي.
– والأهم من الدرجات هو الإبداع والشغف، وهو ما يجب أن يدعمه الآباء، الأمر الذي يخلق شخصا متميزا اجتماعيا وناجحا في الحياة.
المصدر : الجزيرة